كلُّ ما تحتاج إلى معرفته عن المواءمة الاستراتيجية

من أجل النمو والازدهار، تحتاج المنظمات إلى التكيُّف مع متطلبات التغيير المستمرة، ويؤكد على هذا المفهوم معهد إدارة المشاريع (PMI®) في بحثٍ موسّع أجراه حول استراتيجية العمل ومواءمتها للمشاريع، حيث أظهر أن 56٪ فقط من المبادرات الاستراتيجية التي تقوم بها المنظمات تكون ناجحة، بينما 44٪ منها تبوء بالفشل.

تشير نسبة الفشل إلى نسبة هدرٍ هائلة كنتيجة، وبالتالي تطرح سؤالاً بالغ الأهمية: ما أسباب فشل المشاريع؟ إن أحد أكبر الأسباب هو عدم توافقها مع الاستراتيجية التنظيمية! بمعنى آخر، قد ينتهي المشروع في الوقت المحدد ووفقًا للميزانية المتفق عليها، ولكن ما زال لا يلبي احتياجات المنظمة. لتجنب ذلك، على المنظمات صياغة استراتيجية واضحة لإدارة الفرص والمخاطر، وهذا ما نحن على وشك مناقشته في هذه المقالة.

ما هي المواءمة الاستراتيجية؟

المواءمة الاستراتيجية هي العمل مع وحدات المنظمة والإدارات والفرق والأفراد لربط جهودهم بالأهداف الاستراتيجية الشاملة للمؤسسة. ويمكن تحقيق ذلك من خلال آليتين مترابطتين:

  • التأسيس الأولي لمحفظة المشروع: ويتم بشكل دوري في مواعيد ثابتة، على سبيل المثال أربع مرات في السنة.
  • التوجيه والتعديل المستمر لمحفظة المشروع: عملية مستمرة طوال العام.

على أيٍّ من نماذج العمل تنطبق المواءمة الاستراتيجية أكثر؟

في البداية يجب فهم الأنواع المختلفة للهياكل التنظيمية ونوع الهيكل الذي تعمل ضمنه، وهي في نوعين كالآتي:

  • المنظمة التقليدية

وفيها يُنظر إلى المشروع على أنه كيان مستقل يقع تحت رقابة مدير المشروع، فمن أجل تحقيق المواءمة في مؤسسة تقليدية، يجب مراجعة جميع المشاريع الحالية والمستقبلية وترتيبها حسب الأولوية ثم مواءمتها مع الأهداف الاستراتيجية لاستراتيجية العمل.

  • المنظمة التي تحكمها المشاريع

وفيها تتماشى المشاريع مع الاستراتيجية. قد يفتقر هذا النموذج إلى المرونة المطلقة، إلا أنه يتم تعويض ذلك بالتركيز على الهدف النهائي والمساهمة الواضحة في تحسين رفاهية المنظمة. لتحقيق المواءمة الاستراتيجية في هذا النموذج، يجب مراجعة الأهداف الاستراتيجية، وإجراء تقييم بشكل منتظم، وترتيب المشاريع حسب الأولوية بما يتماشى مع استراتيجية العمل.

ما أهمية المواءمة الاستراتيجية؟

  • تسهم المواءمة في زيادة الربحية وتقليل النفقات غير الضرورية، وسيتم مناقشة ذلك على نطاق واسع لاحقًا.
  • المنظمات التي تراعي مواءمة الأهداف مع الاستراتيجية تعمل بكفاءة أكبر وتحقق نتائج أفضل.
  • تُمكِّن المواءمة الاستراتيجية كل عضو وفريق من المساهمة في خلق القيمة للمالكين والعملاء والعاملين والمجتمع ككل بالإضافة إلى المساهمة في الخطة الكلية لنجاح المنظمة.
  • يؤدي الافتقار إلى التوافق الاستراتيجي إلى فقدان الموظفين الثقة في رؤية المنظمة ورسالتها وقيمتها.
  • يمكن أن تساعد المواءمة على تحسين معدلات نجاح المشروع، وبالتالي قدرة المنظمة على تلبية احتياجات العملاء وتوقعاتهم.
  • عندما يساهم كل مشروع بشكل مباشر في رفاهية الشركة، تتحسن المنظمة ككل بما فيها تجارب العملاء ومعدلات الاحتفاظ بهم.
  • توفر المواءمة قرارات أوضح لتخصيص الموارد، حيث يتعين عليك تحديد المشروعات التي تضيف قيمة أكثر (أو أقل).

كيف تساعد المواءمة الاستراتيجية في تقليل الهدر؟

قد تكون بعض المبادرات وخطط العمل فكرةً جيدة، إلا أنها ليست ما تحتاجه المنظمة بالفعل ولا تمثل ما يجب التركيز عليه في ذلك الوقت، لذا فقد يقضي المدراء وقتًا طويلاً في متابعتها وتنفيذها دون معرفتهم ذلك بسبب غياب المواءمة الاستراتيجية عند التخطيط. وفقًا لاستبيان أجراه معهد إدارة المشاريع PMI عام 2018 بعنوان "Pulse of the Profession"، تتسبب المنظمات في جميع أنحاء العالم في إهدار مليون دولار كل 20 ثانية، مما يعد نسبة عالية جدًا! لتوفير هذه النسبة، يُوصَى بما يلي:

  • قم بإعداد تقرير بالهدر من خلال عملية مدروسة تستخدم لتحديد كمية ونوع الهدر الصادر عن المنظمة.
  • توضيح أدوار الموظفين والهدف من دور كلٍّ منهم.
  • تحسين التنسيق بين أعضاء الفريق والتواصل والمشاركة.
  • تعريف العملاء بأهدافك نحو تقليل الهدر.
  • توضيح القدرات والمزايا التنافسية للمنظمة.
  • تمكين جميع أعضاء الفريق لتشكيل مستقبل المنظمة بشكل أوضح.
  • تقليل أو إلغاء تكرار الأدوار في المنظمة.

كيف يمكن تطبيق المواءمة الاستراتيجية؟

بغض النظر عن مقدار الجهد المبذول في تطوير مبادرات وحلول متطورة مواكبة للتكنولوجيا، فستكون جميعها غير مجدية ما لم تتماشى مع احتياجات المنظمة. هناك بعض العوامل الأساسية التي يمكن أن تساعد في تطبيق المواءمة الاستراتيجية بشكل فعال، على سبيل المثال تأكد من:

  • تعميم الاستراتيجية على جميع مستويات المنظمة بطريقة بسيطة وسهلة الفهم، لأنه لا يمكن للموظفين تنفيذ استراتيجية جديدة إلا إذا كانوا قادرين على فهمها وقبولها.
  • إشراك الموظفين - تعد المشاركة في عملية صنع القرار دائمًا أفضل من اتخاذ القرار بمعزل عن المعنيين.
  • ربط أهداف الأداء الفردي بالاستراتيجية الشاملة، حيث يجب تقدير ومكافأة الأداء الجيد والمتميز للفرق والإدارات.
  • تنفيذ الاستراتيجية من قبل إدارة الموارد البشرية من خلال التوظيف والتدريب والاحتفاظ بالموظفين الناجحين بما يضمن امتلاك الموظفين المهارات والقدرات المطلوبة لتنفيذ الاستراتيجية بأفضل صورة.
  • تمكين التدفق الحر للمعلومات عبر الأقسام، إما بين الفرق والإدارات أو من الإدارة العليا إلى مدراء الأقسام.
  • مراقبة التقدم بما يمكّن إجراء تصحيحات سريعة للمسار بسهولة كلما ظهرت مشاكل، ويجدر بالذكر أنه من أدوات القياس شائعة الاستخدام لرصد التقدم بطاقة الأداء المتوازن (Balanced Scorecard).

المواءمة الاستراتيجية باستخدام أداة بطاقة الأداء المتوازن (BSC)

بطاقة الأداء المتوازن هي أداة لقياس الأداء وهي إطار يجمع بين مقاييس الأداء المالية وغير المالية بهدف مواءمة الاستراتيجية مع الأهداف الشاملة للأعمال وتحفيز التواصل بما يؤدي إلى تحسين الأداء. بطاقة الأداء المتوازن هي أكثر من مجرد وسيلة للحفاظ على الأداء، بل هي نظام متكامل يتألف من أشخاص واستراتيجية وعمليات وتكنولوجيا.

تقوم بطاقة الأداء المتوازن (BSC) بـ:

  • قياس تأثير الأنشطة التنظيمية ومدى الاستفادة منها بالإضافة إلى الأهداف طويلة الأجل الأخرى بشكل عام.
  • تصنيف المقاييس الموجودة مسبقًا في فئات وعرضها بيانياً.
  • موازنة التدابير المتعلقة بالعميل والعملية الداخلية والتعلُّم والنمو مقابل التدابير المالية التقليدية.
  • تفسير وتوضيح الرؤية والاستراتيجية وتحديد الروابط بين الأداء المتداخل عبر أقسام المؤسسة.
  • تعميم الأهداف والتدابير على أقسام المنظمة.
  • توفير التغذية الراجعة للإدارة حول تطبيق الاستراتيجية.
  • مواءمة جميع المبادرات الاستراتيجية لمواجهة تحديات الأعمال والعمل على التغلب عليها.

يعد تخطيط الاستراتيجية طريقة مهمة لتقييم آفاق المنظمة وأهدافها ومقاييسها والروابط بينها وتمثيلها بصريًا، إن تخطيط العملية الذي تمثله خرائط الاستراتيجية من شأنه أن يبرز دور المواءمة بشكل أوضح، بالإضافة إلى تأثيره على توضيح العلاقة بين بطاقة الأداء المتوازن واستراتيجية المؤسسة.

من أجل تطوير خريطة استراتيجية، يحتاج المدراء إلى:

  • تحديد بعض الأهداف الاستراتيجية في كل منظور تتبناه المنظمة.
  • تحديد سلسلة الأسباب التي أدت إلى النتيجة النهائية من خلال رسم الروابط بينها.
  • اشتقاق أداة بطاقة الأداء المتوازن كمقياس للأداء الاستراتيجي مباشرة من الأهداف الاستراتيجية.
  • تحديد ومواءمة المبادرات الاستراتيجية طويلة الأجل، وتقليل الاهتمام بالإجراءات المالية قصيرة الأجل وزيادة التركيز على محركات النجاح على المدى الطويل.

تعد بطاقة الأداء المتوازن أداة مفيدة بالفعل في مواءمة الاستراتيجية التنظيمية مع الأعمال عندما يتم دمجها بالكامل واعتمادها من قبل المنظمة. لتنفيذ المواءمة الاستراتيجية بنجاح، يجب تصميم آلية عمل لبطاقة الأداء المتوازن بما يتناسب مع جميع مستويات المنظمة، كوسيلة لضمان أن جميع الموظفين يسعون لتحقيق أهداف تتفق مع استراتيجية المنظمة وتسعى إلى تحقيقها.

إن المنشآت مثل الآلة التي تتكون من الكثير من التروس المتداخلة، فعندما تتم مواءمة أجزاء أو أنشطة العمل، يكون هناك مشاكل وتوتر أقل، وتدريجيًا يبدأ دور المواءمة الاستراتيجية في الظهور في كل المجالات وممارسات الأعمال، حتى إلى والروتين اليومي ومبادرات تطوير المنتجات والعلاقات مع العملاء. سيؤثر دورها على كل الأنشطة وتصبح جزءًا لا يتجزأ من ثقافة المنظمة.

تقدم بكه خدمات استشارية في كل ما يتعلق بشؤون الاستراتيجية، بدءًا من تقييمها إلى تطويرها والأدوات والمعلومات حول الأداء اللازمة للتطوير. لمعرفة المزيد، انقر هنا.

شارك

Related Articles

كيفية كتابة وتطوير رؤية المنظمة ورسالتها

تُعتبر الرؤية والرسالة من الأشياء المهمة ال...

اقرأ المزيد

كلُّ ما تحتاج إلى معرفته عن المواءمة الاستراتيجية

من أجل النمو والازدهار، تحتاج المنظمات إلى ...

اقرأ المزيد

الاستراتيجية ومستوياتها الثلاث في عالم الأعمال

يستند كل خيار تتخذه الشركة إلى استراتيجية م...

اقرأ المزيد